فيودور دوستويفسكي

عاش فيودور دوستويفسكي الحب الكبير في حياته ثلاث مرات. و في كل مرة كانت قصته الغرامية مليئة بالعواصف الدرامية، وهذا ما نقرأه جليا في مؤلفاته الأدبية. كانت زوجته الأولى ماريا إيسايفا بطلة رواية "الجريمة والعقاب"، فقد تعرف الكاتب عليها وهي متزوجة. وبعد وفاة زوجها تزوج منها، وعاشا معا سبع سنوات الى ان غيبها الموت هي ايضا . ولقد اختصر الكاتب حياته معها بجملة واحدة: لقد "عشت عصراً كاملاً.
بعدها وقع في غرام أبوليناريا سوسلوفا، وكانت امرأة شابة متقلبة الأهواء. لقد فاجأه الإحساس بالحب بعد أن تلقى منها رسالة تكشف فيها ولعها بإبداعه، وسرعان ما سافر دوستويفسكي ليلتقيها هناك، لكن علاقتهما انتهت بسرعة مثلما نشأت، بعدما رفضت الزواج منه، إذ وقعت في حب طالب إسباني اسمه سلفادور. وانعكست قصة الحب القصيرة هذه في روايته "الأبله"، حيث نرى بعض صفاتها في صورة البطلة أناستاسيا فيليبوفنا . 
كتب فيودور دوستويفسكي يقول متسائلاً : " أنا أبحث عن السعادة ولكن، أين هي؟" لكن السعادة أتته أخيراً في شخص أنا غريغورفينا سنيتكينا حبه الثالث وزوجته وأم أولاده.
عندما بلغ السادسة والأربعين من العمر، إلتقى دوستويفسكي بفتاة أحلامه التي سرعان ما أصبحت جزءً مهماً من حياته. فتاة ذكية،لكنها لم تكن على قدر كبير من الجمال. كانت قد دفنت والدها الذي عمل خادماً في بلاط القيصر، قبل وقت قصير. كما لم تكن قد مرت فترة طويلة على نزعها اللباس المدرسي، إذ كانت تبلغ من العمر، آنذاك عشرون ربيعاً.
أصبحت هذه الفتاة زوجة ﭭيودر دوستويفسكي، وأما لأولاده، وأصبحت سعادته الحقيقية التي ليس بالإمكان التعبير عنها بالكلمات، لأن مثل هذه السعادة نادرة الحدوث، ولم يكن ليحظى بها أحد غيره : "حياتي"، "معبودي، أصلّي لك ...". هكذا كتبت إليه، في السنوات الأخيرة من حياته، عندما أصيب بمرضين لا يمكن الشفاء منهما، ما اضطره للسفر كل سنة تقريبا إلى ألمانيا للمعالجة
من المانيا إلى روسيا القديمة:
(...) لقد قلت لك : "امرحي، والعبي مع من تشائين، ولكن هذا يعني انني سمحت بذلك. أحبك حتي المستحيل. لقد اشتقت كي اكون بجانبك. ثقتي كبيرة بك وبعقلك وضميرك.
4 ـ رد آنيَا إلى ﭭيودر دوستويفسكي (19 تموز 1876)
إهدأ يا عزيزي، ويا روحي، ولا تفكر في هذا الأمر. فاعلم انه لم يحدث على الإطلاق، انا لا الطخ حياتنا، ولن يحصل أي عمل يهدد سعادتنا. زوجي في بعض الأحيان أقلق وأخاف كثيراً. أنت تغار يعني ُتحب .. هل هذا صحيح؟
(...)الأولاد كلهم بخير، وبحالة نفسية مريحة، هذا كل ما أستطيع أن أقوله عنهم، وثق يا عزيزي، لن يأت ذلك اليوم الذي من يمكن ان تحمر فيه خجلاً بسبب حبيبتك آنيا ...
5 ـ دوستويفسكي إلى زوجته آنيَا
(...) تكتبين بانك تحبينني وتشتاقين لي، ولكن على ما يبدو بأنك كتبت [لي] قبل أن تلتقي به ... أنكا، معبودتي، مهيبتي الطاهرة الشريفة، لا تنسيني. معبودتي وآلهتي! أعشق كل ذرة من جسدك، ومن روحك، وأقبل كل شئ فيك، كل شئ، لإن كل هذا لي، لي أنا! وإلى اللقاء! اكتبي لي عن كل شئ وبالتفصيل. واي فستان كنت ترتدين!؟
أنحني أمامك على ركبتي وأقبَل كل قدم من قدميك الناعمتين بدون توقف! أتخيل هذا بالدقائق واستمتع بذلك. أنكا ، آلهتي، [لا تزعلي].
6 ـ آنَـا إلى ﭭيودر دوستويفسكي 18 تموز 1876
(...) رسالتك قد هزَت مشاعري إلى حد البكاء. لا تتصور كم أشكرك، وكيف أني سعيدة برسالتك.
عزيزي، انا اعتَز بحبك لي اعتزازاً كبيراً، ولكن يتراءى لي أحيانا كثيرة، بأني لست أهلا لهذا الحب. فانا امرأة عادية، متوسطة بكل شي، مع بعض الغناج ومتطلبة بعض الشئ، وتملك خاصية وحيدة، وهي أني صريحة وصادقة في مشاعري. فانا أحبكم جميعاً الأربعة [دوستويفسكي وأولادنا] بإخلاص. وفجأة، كالخيال يقع في حبي، إنسان طيب القلب، مخلص، وشريف بل إنسان مقدس!.
عزيزي، لو كنت الآن معك، لركعت عند قدميك لأجل رسالتك هذه، ولكن للأسف، لا أستطيع التعبير عما يجول في قلبي وخاطري .. أقُبل يديك وقدميك، وسأبقى سعيدة، أسعد امرأة في العالم، ولكن، هيهات!