السلام عليكم
اخواني اردت المساعدة ولو بالقليل في هذا المنتدى بوضع بحث كامل عن أرسطو
ونظرية المعرفة
[rtl]خطة البحث :[/rtl]
[rtl]مقدمة[/rtl]
[rtl]الفصل الأول : نبذة تاريخية شاملة عن آرسطو.[/rtl]
- [rtl]من هو آرسطو.[/rtl]
- [rtl]مؤلفات آرسطو.[/rtl]
- [rtl]مكانة آرسطو وتمييزه عن أفلاطون.[/rtl]
[rtl]الفصل الثاني : نظرية المعرفة عند آرسطو.[/rtl]
- [rtl]نشأة نظرية المعرفة ومفهومها ومجالاتها.[/rtl]
- [rtl]طبيعة المنطق وارتباطه بالفلسفة.[/rtl]
- [rtl]طريقة فلاسفة اليونان في وضع مشكلة المعرفة.[/rtl]
- [rtl]آرسطو يواصل الطريق في نظرية المعرفة بصورة أفضل.[/rtl]
[rtl]خاتمة[/rtl]
[rtl]مقدمة : [/rtl]
[rtl]نلاحظ بوضوح من استقراء الفلاسفة والمختصين نقصا في وجود تصور واضح لنظرية المعرفة .[/rtl]
[rtl]ونقصد بنظرية المعرفة البحث في طبيعة المعرفة ومداها ومصادرها أو البحث في العلاقة بين المحسوسات والعقليات بمعنى البحث في كيفية التوصل إلى الآراء العقلية المتعلقة بالوقائع المحسوسة أو العلاقة بين ماهو مادي ) المحسوسات ( أو ماهو عقلي ) المعرفة ( .[/rtl]
[rtl]ويبرز هذا النقص بالاختلافات والآراء الكثيرة بين المفكرين حول هذا الموضوع ولعله أمر بعيد المنال إن لم يكن مستحيلا، أن يتفق الجميع على نظرية واحة للمعرفة لاعتماد ذلك على الخلفيات العلمية والفلسفية التي من خلالها ينظر المفكرون للموضوع [/rtl]
[rtl]ومن خلال هذا البحث سنتناول نظرية المعرفة عند أرسطو وكيف ساهم في تطويرها .[/rtl]
[rtl]فمن هو آرسطو؟ وكيف كان دوره في تطور نظرية المعرفة؟ [/rtl]
[rtl]الفصل الأول: نبذة تاريخية شاملة عن آرسطو[/rtl]
[rtl]1. من هو آرسطو ) 284-322 قبل الميلاد (Aristotle/Aristote : هو فيلسوف وعالم موسوعي ومؤسس علم المنطق وعدد من الفروع الأخرى للمعرفة الخاصة، اعتبره ماركس أعظم مفكري العصور القديمة، ولد في استاجيرا وتربى في أثينا بمدرسة أفلاطون، انتقد نظرية أفلاطون الخاصة بالصور المفارقة ) المثل ( إلا أنه لن يتمكن من التغلب على مثالية أفلاطون تماما وتأرجح بين المثالية والمادية وقد أسس مدرسته الخاصة في أثينا عام 335 قبل الميلاد، ولقد ميّز في الفلسفة بين:[/rtl]
[rtl]1. الجانب النظري الذي يتناول الوجود ومكوناته وعلله وأصوله. [/rtl]
[rtl]2. الجانب العملي الذي يتناول النشاط الإنساني. [/rtl]
[rtl]3. الجانب الشعري الذي يتناول الإبداع. [/rtl]
[rtl]وموضوع العلم عنده هو العام الذي يمكن التوصل إليه عن طريق العقل، ومع ذلك فإن العام لا يوجد إلا في الجزئي الذي يدرك بطريقة حسية ولا يعرف إلا عن طريق الجزئي وشرط المعرفة بالعام وهو التعميم الإستقرائي الذي يكون مستحيلا بدون الإدراك الحسي وقد مّيز آرسطو بين أربع علل أولية هي:[/rtl]
[rtl]1. المادة أي الإمكانية السلبية للصيرورة. [/rtl]
[rtl]2. الصورة ) الماهية، ماهية الوجود ( هي تحقق ما ليس إلا إمكانية في المادة [/rtl]
[rtl]3. بدء الحركة. [/rtl]
[rtl]4. الغاية. [/rtl]
[rtl]2. مؤلفات آرسطو: اشتهر آرسطو بأنه أنجز ألف كتاب، وقد وصلنا عدد كبير من مؤلفاته سواء التي عرف منها في الغرب أو التي ترجم منها إلى اللغة العربية على يد الفلاسفة العرب الذين اهتموا كثيرا بهذا الفيلسوف الجليل الشأن، ويمكن تصنيف أهم كتب آرسطو وفق ما يلي:[/rtl]
[rtl]أ. المنطق: ولم تعرف هذه الكلمة في عهد آرسطو بل كان يشار إليه بكلمة "الأورغانون" أي الأداة الفكرية وأهم مؤلفاته في المنطق هي: [/rtl]
[rtl]المقولات – العبارة – التحليلات – الجدل – الأغاليط أو تفنيد السفسطة.[/rtl]
[rtl]ب. المعرفة: ونجد في هذا الباب المؤلفات التالية: [/rtl]
[rtl]مابعد الطبيعة – الطبيعة ) أو السماع الطبيعي ( - السماء – الكون والفساد – الآثار العلوية ) أو الظواهر الجوية ( - النفس – الطبيعيات الصغرى – التاريخ الحيوان – أعضاء الحيوان – توالد الحيوان – مشي الحيوان.[/rtl]
[rtl]ت. الأخلاق والسياسة: نجد في هذا المجال ما يلي من المؤلفات: [/rtl]
[rtl]الأخلاق الكبرى – الأخلاق إلى أوديموس – الأخلاق إلى نيقوماخوس – السياسة – النظم السياسية.[/rtl]
[rtl]ث. الفن: كتب آرسطو تصنيف في الفنون لم تصل إلينا، ولم يصل إلينا في هذا المجال سوى كتابين هما: - الخطابة والشعر. [/rtl]
[rtl]3. مكانة آرسطو وتميزه عن أفلاطون: يحتل آرسطو بين فلاسفة العالم مكانة رفيعة لسنا بحاجة لأن نوضحها، ويكفي أن نذكر أنّه وأستاذه أفلاطون تقاسما التأثيم على آل ماشهده العالم من فلاسفة، إما إيجابا أو سلبا حتّى اليوم، وقد استطاع التلميذ أن يستوعب نظريات الأستاذ، وسرعان ما استطاع أن يضيف إليها من روحه ورؤيته الخاصة ماجعله صاحب منهج ومذهب جديدين شد إليه الأنظار وأصبح من خلالهما ندّا لأستاذه، بل تفوق عليه في مجالات عديدة كان هو مبدعها وآفاق أكثر اتساعا كان هو الذي اكتشفها ومدّ أبحاثه إليها.[/rtl]
[rtl]فإن كان دافع أفلاطون دائما أخلاقيا دينيا ممتزجا بالأغراض السياسية في كتاباته، فقد كان دافع آرسطو أكثر رجاجة وأشد توفيقا بالنسبة لما كانت تتطلبه تلك الفترة من تاريخ الفكر البشري، وقد كان برتراند راسل على حق حينما حاول تقرير الدوافع التي قادت الناس عموما للبحث في المشكلات الفلسفية فوجدهم أحد فريقين: ففريق كان مَنبَعُهُ ودافعه الدين والأخلاق، والآخر كان مَنبَعُهُ ودافعه العلم، ووضع أفلاطون على رأس الفريق الأول بينما وُضع لوك وهيوم على رأس الفريق الثاني، أما آرسطو ومعه ديكارت وبردلي فلا يمكن ضمهم إلى أي الفريقين حيث أن منبعهم ودافعهم الأخلاق والدين من جهة والعلم من جهة أخرى.[/rtl]
[rtl]وأشد ما يكون دليلا على ذلك محاولته صياغة مبادئ للتفكير العقلي بشكل عام في منطقه، وبشكل خاص في كل من العلوم التي أسسها مراعيا في ذلك دائما أن الفكر يبدأ من الواقع الخارجي وإدراكه دون إهمال لما يمكن أن يضيفه العقل بتأمله من مبادئ يمكن النظر إلى الواقع من خلالها، وفهمه في إطارها.[/rtl]
[rtl]ولذلك كان حريصا في آل ماكتب عن المعرفة والعلم على تأكيد ذلك، دون أن ينسى أن يذكرنا دائما بأن المعرفة درجات وأنّ اليقين مراتب فقد أوضح ذلك على وجه الخصوص في "التحليلات الأولى" و"التحليلات الثانية" و"الميتافيزيقيا" و"النفس"، فهو يصدر كتاب النفس بقول: ) كل معرفة فهي في نظرنا شيء حسن جليل، ومع ذلك فنحن نُؤْثِرُ مَعرِفَةً على أخرى، إما لدقتها، وإما لأنها تبحث عما هو أشرف وأكرم ( .[/rtl]
[rtl]ولم يدخر فيلسوفنا وسعا في سعيه ذلك، فكان حريصا ليحقق الدقة أن يجمع كل ما قيل من قبله في أي موضوع أراد أن يبحث فيه، وفي أي علم أراد أن يؤسسه.[/rtl]
[rtl]وإن كان البعض – كما يقول جثري Guthrie – لا يتخذ من أرسطو مؤرخا دقيقا للسابقين،فإن هؤلاء يعرفون ويوافقون تماما على أن أرسطو كان أحد كبار أصحاب العقل والبصيرة في كل العصور، وأنه أنشأ المنطق، وأدرك مبادئ المنهج العلمي بصورة أكثر دقة وإحكاما مما فعل أفلاطون، فبقدرة عقلية هائلة حاول أرسطو التوسط بين الأفلاطونية والنظرة العلمية.[/rtl]
[rtl]الفصل الثاني: نظرية المعرفة عند آرسطو:[/rtl]
[rtl]لقد اتسعت فلسفة آرسطو لتشمل نظريات دقيقة وعميقة في المعرفة فبحث في وسائل المعرفة المختلفة وخاصة الإحساس والعقل وقيمة كل وسيلة من هذه الوسائل في اكتشاف حقيقة الوجود والعامل الخارجي كذلك في تحديد المعرفة العلمية والتمييز بينهما وبين أنواع المعرفة الأخرى المختلفة وخصها باليقين والضرورة ثم تناول بالدراسة المستفيضة صورة الفكر ليبين الصواب منه والخطأ فوضع أساس علم المنطق الذي ارتبط باسمه على مدى التاريخ.[/rtl]
[rtl]وذهب آرسطو إلى أن وسائل اكتساب المعرفة لدى الإنسان والحيوان تعتمد بداية على عمل الحواس، فالإدراك الحسي هو أول خطوات المعرفة ومن تكراره تتولد الذاكرة ثم الخبرة وهذه كلها مشتركة بين الإنسان وبعض أنواع الحيوان.[/rtl]
[rtl]ولقد ذهب آرسطو في بحثه في الإحساس إلى القول بنظرية غريبة وطريفة إلى حد ما فهو يقول أن العضو الحاس يتلقى صورة المحسوس في الأشياء بعملية تجريد مؤداها أن العضو الحاس يجرد الصورة الحسية عن مادتها فينطبع بها، أي أن الإحساس هو انتقال الصورة الحسية إلى الوجود بالفعل في العضو الحاس كالعين مثلا تتلون واليد تسخن بالحرارة والأذن تتحد بالصوت. [/rtl]
[rtl]ومعنى هذا أن الإحساس عند آرسطو ليس عملية جسمانية ترجع إلى الجسم كما يرى أفلاطون مثلا أو كما شاع من أن الجسم هو الذي يتعامل مع المحسوسات في حين يظل العقل مجردا من المجردات ، وإنما ينتهي تفسير آرسطو للإدراك الحسي بأنه عملية تستدعي عمل النفس بالإضافة إلى الجسم، واستخلاص الصورة من مادتها، أي أنها عملية تجريد تمهد لعملية تجديد أخرى أعلى وتحدث حين يدرك العقل المجردات أو حين يرتفع من إدراك الجزئيات المحسوسة إلى الكليات أو الماهيات العقلية.[/rtl]
[rtl]1. نشأة نظرية المعرفة مفهومها ومجالاتها: نظرية المعرفة مبحث قديم قدم التفلسف وإن لم تفرد لها الأبحاث المستقلة إلا من الفيلسوف الإنجليزي جون لوك الذي كان أول من حاول وضع هذا المبحث في صورة العلم المستقل وذلك في كتابه " مبحث في الفهم الإنساني" الذي نشر في نهاية القرن السابع عشر في عام 1690 ويعد هذا الكتاب أول بحث علمي منظم يتناول بالفحص والدرس أصل المعرفة وماهيتها وحدودها ودرجة اليقين فيها.[/rtl]
[rtl]ورغم تسليمنا بهذا إلا أننا لا نستطيع أن نسلك مع البعض بأن لوك كان أول من درس المعرفة كموضع مستقل، بحجة أن أفلاطون وأرسطو رغم اهتمامهما بالمعرفة، لم يضعا حدا فاصلا بين موضوعاتها والمسائل الميتافيزيقية من جهة، ولم يضعا حدا فاصلا بينها وبين الدراسات المنطقية الخالصة من جهة أخرى، وعدم تسليمنا ذلك يرجع لأمرين:[/rtl]
[rtl]أولهما: أن بحوث أفلاطون وأرسطو في المعرفة كانت بلا شك بحوثا مستقلة لديهما وواضحة المعالم فقد خصص لها أفلاطون عدة محاولات أهمها : ثياتيتوس والسوفسطائي، وخصص لها آرسطو "النفس" والذاكرة والتذكر" و "الكتاب الأول من الميتافيزيقا" وغيرها من المؤلفات والأبحاث المتعددة، ورغم أن كتاب النفس عنده كان يمثل بشكل عام نظريته في النفس بجانبيها التجريبي والتأملي إلا أن هذه النظرية بجانبيها كانت محكومة بمبادئ آرسطو الميتافيزيقية العامة من جانب، وباهتماماته في المعرفة والأخلاق من جانب آخر، فقد كان هذا الكتاب نقطة لتلاحم المبادئ الميتافيزيقية، وتتمة ضرورية للأخلاق كما يلقي الضوء أساسا على منطق أرسطو ونظريته في المعرفة، ومن هنا فهو يشكل المفتاح لمذهب أرسطو.[/rtl]
[rtl]وثانيهما: أنه لا انفصال بين نظرية المعرفة لدى الفيلسوف وباقي النظريات فعلى الرغم من أن الفلاسفة المحدثين منذ جون لوك قد أنصب اهتمامهم أساسا على البحث في نظرية المعرفة، إلا أن ذلك البحث كان مرتبطا لديهم بنظريات عن الوجود، إذ لا يمكن الفصل حتى في نظرية المعرفة نفسها بين البحث في وسائل المعرفة وطبيعة المعرفة وموضوع المعرفة، فالفيلسوف الذي ارتضى الحواس وحدها مصدر للمعرفة لايمكن أن يسلم بوجود تلك الكائنات العقلية التي لا سند لوجودها في الواقع المحسوس وهكذا .....[/rtl]
[rtl]وثمة تفسيرات متعددة للمعرفة بعضها يربطها بعلم النفس، وبعضها يربطها بالمنطق، فثمة تفسير للمعرفة بأنها تحصيل العلم أو العمليات العقلية التي تتوصل بها إلى تحصيل العلم، ويترتب على هذا التفسير أن يكون البحث في المعرفة فرعا من علم النفس الذي يختص دون منازع بدراسة عمليات الإحساس والإدراك والتذكر والتخيل والإنتباه والتفكير وما على نسقها، حينئذ تتقطع صلة نظرية المعرفة بأهم المسائل الخاصة بحدود العلم الإنساني وصدقه وتعجز عن البحث في مشاكل العلم كمشكلة الذات والموضوع وتطور العلم وتنحصر مهمتها في تبيان الوسائل التي يتم بها تحصيل العلم.[/rtl]
[rtl]وثمة تفسير آخر لنظرية المعرفة وهو أنها البحث في المعرفة التي تم لنا اكتسابها، ولكن قد يؤدي هذا التفسير إلى التباس موضوعها بموضوع المنطق والعلوم الجزئية.[/rtl]
[rtl]ورغم أن كلا التفسيرين مرفوض وحده، حيث أن المعرفة والبحث فيها ليس مبحثا نفسيا، وليس مبحثا منطقيا، بل هو مبحث مستقل له صلة بالمبحثين معا ويتفوق عليهما بمجاله الخاص، ويتميز عنهما بتفرد هذا المجال وعموميته وشموله، ويبدو هذا واضحا من النظر في أهم مباحث هذه النظرية، فهي أولا: تحاول تعريف "مادة العلم" أي تنظر فيما يمكن العلم به من الأشياء أو بعبارة أخرى تناقش الشروط التي ينبغي توافرها لكي يتم هذا العلم، ويدخل في ذلك: أ- التفرقة بين المحسوس وماهو خارج دائرة المحسوس، أي بين ما يدخل في مجال التجربة وما يخرج عنها.[/rtl]
[rtl]ب- التمييز بين ما يدركه العقل إدراكا بديهيا فطريا وبين ما يتم اكتسابه عن طريق التجربة.[/rtl]
[rtl]، ثانيا: تبحث نظرية المعرفة في التمييز بين المعلومات الذاتية والمعلومات الموضوعية فكل ما يتصل بالذات المدركة يرجع إلى علم النفس وكل ما يتعلق بالموضوع المدرك يرجع فيه إلى العلوم الطبيعية، ثالثا: تبحث النظرية كذلك في موضوع الوجود والتغيّر. [/rtl]
[rtl]2. طبيعة المنطق وارتباطه بالفلسفة: أدى شغف أرسطو الشديد بالمعرفة - معرفة أي شيء من كل شيء - أن انشغل انشغالا شديدا بالبحث في وسائل المعرفة الإنسانية، ومدى ما يمكن أن نصل إليه من خلال هذه الوسائل، ولما وجد أن غالبية الناس يعتقدون أن حواسهم هي وسيلتهم في المعرفة بدأ بحثه الغير مسبوق في طبيعة الحواس ووجد أن طبيعتها تؤكد قصورها ومحدوديتها ومن ثم بحث فيما يمكن أن يؤديه العقل ووجد نفسه أنه قادر على أن يحلل ما تعطيه الحواس ويبني منه ما يسمى بالمعرفة الإنسانية فالإنسان هو العقل ويستدل ويقيس أساسا وليس هو فقط ما يستقرئ فالحيوان يشاهد كما يشاهد الإنسان إلا إن الإنسان هو القادر وحده على تنظيم مشاهداته والاستفادة منها من تكوين بناء متكامل للمعرفة عن هذا العالم من خلال قدراته العقلية الفذة.[/rtl]
[rtl]ولعل ذلك هو ما جعل أرسطو يركز اهتمامه على دراسة العقل وإمكاناته المعرفية من جانب ومحاولته من جانب أخر وضع القوانين اللازمة لضبط التفكير العقلي حتى لا يبتعد العقل على المجال المعرفي الصحيح ومن هذا كان تأسيس أرسطو للمنطق وفصله عن بقية العلوم كما كان بحثه في نظرية المعرفة ومن هنا أيضا كانت بحوثه المتعددة في هذا المجال مرتبطة ب بعضها البعض ارتباطا صعب عليه كما صعب على من جاء بعده الفصل بينهما وربما كان هو نفسه على وعي بمدى الاختلاف بين مجال هذه الدراسات المتعددة.[/rtl]
[rtl]فقد كان المنطق كما يقول هاملان - بالنسبة لأرسطو متميزا عن الميتافيزيقيا بمعناها الدقيق كما يتصورها هو - أي باعتبارها علم الوجود ومن جهة أخرى يجب ملاحظة أنها تتميز بالصعوبة عن ما نسميه نظرية المعرفة.[/rtl]
[rtl]ويضيف هاملان بحق،أن أرسطو لم يفكر في فصل دراسة المعرفة من حيث هدفها وقيمتها عن كل من الميتافيزيقيا والمنطق لجعلها علما نظريا خالصا فقد ظلت نظرية المعرفة عنده مختلطة بالمنطق وكانت قيمة العلم وطرق تحصيله يشكلان سويا موضوع دراسة واحدة. [/rtl]
[rtl]ورغم أن أرسطو لم بفكر في ذلك الفصل فانه كان يعي - كما قلنا - مدى اختلاف بين هذه المجالات ولو كان الفلاسفة من بعده على نفس الدرجة من الإخلاص للفكر وحب للمعرفة لاستطاعوا اكتشاف هذا الأمر لديه ،و لواصلوا الطريق الصحيح الذي نهد له ورسم خططه فقد قدم فلاسفة الرواقية بعض التطوير في الأبحاث المنطقية، ولكن غلب عليهم كما غلب على معاصريهم من الآبيقوريين وفلاسفة المدارس السقراطية الصغرى وأفلوطين ذلك الطابع الأخلاقي الذي شابه في مراحلها المتأخرة الامتزاج بالجانب الديني خاصة لدى الرواقية المتأخرة. [/rtl]
[rtl]3. طريقة فلاسفة اليونان في وضع مشكلة المعرفة: من الواضح أن مبحث نظرية المعرفة الذي حدد فيما سبق، قد طرأت عليه تغيرات وتعديلات أثناء تطور الفلسفة وعبر تاريخها الطويل، فهو ليس وليد عصر معين أو فيلسوف معين، بل هو مفهوم يتطور دائما فقد أصبحت المعرفة منذ كانت ذات مكانة مركزية في فالفلسفة فاقت بها كل جوانب الفلسفة الأخرى، ومنذ ذلك التاريخ لم تعد الفلسفة ككل منصرفة إلى دراسة العالم وتفسيره لأنها تركت هذه المهمة للعلوم المختلفة، فلم تعد الفلسفة معرفة بالعالم، بل تفكير في هذه المعرفة بالعالم أو هي معرفة بالمعرفة.[/rtl]
[rtl]ومن هنا وجب التمييز بداية بين طريقة وضع المشكلة كما أسلفنا الحديث عنها: ذلك أن طريقة اليونان في وضع المشكلة طريقة مختلفة حيث يمكن أن نميز بصفة عامة بين اتجاهات ثلاثة رئيسية في تناول هذه المسألة عندهم: [/rtl]
[rtl]الإتجاه الأول: كان يركز على مشكلة الكفاءة فطالما كانت الفلسفة تتناول موضوعات تتعدى حدود التجربة الإنسانية وتدلي بشأنها بآراء تدعى أنه لا شك في حقيقتها طالما كان الأمر كذلك فإن سؤالا يفرض نفسه: ماهو المصدر الذي تعتمد عليه الفلسفة في ذلك؟ وماهي الأداة التي تُمكّن من قيام هذه الأفكار والآراء؟ وكيف يمكن تفسير أن بعض البشر وهم الفلاسفة، بمقدورهم استخدام هذه الأدوات بينما الباقون أي العامة، يبدو أنهم يفتقدونها بوجه عام أو يحوزونها بصورة أكثر ضآلة. [/rtl]
[rtl]أما الإتجاه الثاني: فكان يركز على أن الفلسفة تكلم عن ظواهر لا يمكن أن تصل إليها المعرفة الحسية، أو الإدراك الحسي في سيرها العادي، وهي ظواهر معروفة منذ القدم وبدأت في الدخول ضمن ميدان البحث الفلسفي منذ عهد الفلاسفة قبل سقراط.[/rtl]
[rtl]ويمكن تقسيمها متابعين في ذلك المؤلفين اليونانيين، نقسمهم إلى ثلاثة مجموعات فهناك أولا الحالات التي لا يكون فيها سير وظائف الحياة النفسية سيرا عاديا ومنها النوم وأحلامه التي يجذب عدد كبير منها وإن لم يكن جميعها بالطبع انتباه العراقين، ثم حالة السكر التي ظهر عنها منذ آرسطو عدد لا حصر له من المؤلفات المتخصصة، ثم أخيرا حالات الإنحراف العقلي وما يدخل عادة في نطاق الهلوسة، وهناك ثانيا خداع الحواس الذي يحدث في كل وقت: العصا الممتدة في الماء والتي تبدو مكسورة، البرج المربع الذي يبدو عن بعد كبيرا دائريا، وحينما نقف على الشاطئ ونرقب سفينة تمر فيبدو لنا أن السفينة ثابتة وأننا نحن الذين نتحرك... وغير ذلك.[/rtl]
[rtl]وهذه حالات استمر الفكر اليوناني يناقشها طوال مئات من السنين أخيرا[/rtl]
[rtl] هناك مجموعة ثالثة من الظواهر تقف على حده، وهي التي ظهرت نتيجة للملاحظات الطبية، واستدعت انتباها خاصا نتيجة لذلك، فهناك أمراض ) كثيرا ما أشار إليها المؤلفون اليونان ( لا يصبح معها طعم العسل حُلواً بل يصير مُر المذاق وما شابه ذلك كثيرا، وقد لاحظ الذين كانوا يميلون في مثل هذه الأحوال إلى التعميم وإلى البحث بالتالي عن ظواهر موازية لاحظوا أن بعض أنواع الإدراكات الحسية تخضع أحيانا لتغييرات غريبة تتعدى المستوى العادي بكثير، فما هو ممتع المذاق عند هذا يعافه ذلك، وما يجده هذا ساخنا عند لمسه يجده ذلك فاترًا.[/rtl]
[rtl]وعلى هذا النحو نصل إلى مفهوم نسبي من معطيات الحواس، مفهوم يمكن أن تمتد تطبيقاته إلى مالا نهاية.[/rtl]
[rtl] أما الإتجاه الثالث: فقد ركز على مجموعة أخرى من المشكلات الأساسية التي تتناول من حيث المبدأ عمليات التفكير والإدراك الحسي، كيف يتم فعل الأبصار؟ وكيف يحدث التفكير؟ وعلى الأخص كيف يتم خزن الأفكار التي انتهى الفكر إليها على نحو يجعل من الممكن للإنسان أن يحمل معه بمعنى ما الكون بأسره مختصرا.[/rtl]
[rtl]ولقد جاءت إجابات الفلاسفة اليونان عن هذه المشكلات التي أثاروها في نظرية المعرفة تمثل نمطا يعبر عن مشكلات عصرهم وفي إطاره ومن ثمة كان تناولهم -كما اتضح لنا- لنظرية المعرفة تناولا يختلف في إطاره العام عن ذلك الإطار الذي وضعت فيه بعد ذلك نظرية المعرفة الخاصة مع مطلع المصدر الحديث حتى كانط ومن تلاه من الفلاسفة. [/rtl]
[rtl]وكان أول من لمس لب نظرية المعرفة من الفلاسفة اليونان بحق هو بارمنيدس، حيث ظهرت مشكلة المعرفة بمعنى الكلمة عنده، فقد قال بوضوح أن هناك وجودا يتعدى كل ماتعرفه التجربة العادية وهو يربط بين العقل وذلك الوجود على حين أن اللاوجود يقوم على النظر والسمع وعلى اللغة التي يستعملها عامة الناس، وهذا الموقف البارمنيدي يجعلنا نقترب فعلا بين التضاد بين فكر العقل وإدراك الحس، إلا أننا لم نصل إليه بعد تماما مع بارمنيدس فقد مضى بنا الفلاسفة بعده يُعبِّر كلا منهم عن وجهة نظر تختلف عن الأخرى، فقد عبّر إنباد وقليس عن وجهة نظره في أن الشبيه يدرك الشبيه، وعبّر ديمقريطس عن وجهة نظر فيها أصالة وعمق وكان لها تأثير كبير حيث ميز بداية بين الموجود وبين ماهو محض فكر وظن،ولا يستطيع أن يدرك جزئيات الوجود وهي لديه الذرات إلا الإدراك الألطف وحسب، أمَّا الحواس الخمس الخشنة فإنها تقف عن حدود المتنوع إلا ما لا نهاية والنسبي من ألوان وأصوات وروائح وغير ذلك ويبدو أن ديمقريطس بحسب رواية ستكستوس قد ميّز بين نوعين من المعرفة، النوع الأول مشروع والثاني غير مشروع، وينتمي كل من البصر والسمع والشم والمذاق واللمس إلى المعرفة غير المشروعة، ولكن المعرفة المشروعة تنفصل عن هذه والسبب الذي يراه سكستوس لتفضيل المعرفة المشروعة عند ديمقراطوس على غير المشروعة "أن المعرفة غير المشروعة لا تستطيع طويلا أن ترى الأشياء الأصغر فالأصغر ولا أن تسمع أو أن تشم أو أن تتذوق أو أن تدرك كاللمس، فإن المعرفة المشروعة تأتي للمعاونة في هذا بطريقة أكثر دقة واتقانا للفحص، ويجب أن نفهم ذلك بأن نربط عند ديمراطوس بينه وبين نظريته في الذرات فنحن لا نعرف الذرات والخلاء ) وهما الوجود الخلقي بالحواس ( ولكن نعرفهما بالعقل، فطريق الحواس عرضة للخطأ لأنه يعالج التباين والتغير الماديين الذين ينتجان إحساساتنا ولكن طريق العقل الذي يعالج الحقائق القصوى هو الطريق المشروع فهو الآلة الماهرة التي تقودنا إلى الحقيقة، ومن هنا يبدو العقل كمدعم لحقيقة الفكر أما دليل الحواس.[/rtl]
[rtl]وقد ساهم السوفسطائيون بعد ذلك مساهمة قيمة وهامة في توسيع نطاق مناقشة المشكلة وعلى الأخص: جورجياس وبروتاجوراس، فقد استطاع الأول بكتابه في الوجود أن يتيح لنا النظر نظرة عميقة إلى طريقة وضع مشكلة المعرفة في عصر السوفسطائيين، وذلك رغم ما به من مغالاة في نواحٍ عديدة، وإن تركنا القسم الأول من ذلك الكتاب، وانتقلنا إلى القسم الثاني الذي يناقش فيه الجزء الثاني من عبارته الشهيرة ) لايوجد شيء وإذا كان هناك شيء موجود فإنه لا يمكن إدراكه وإذا أمكن فلا يمكن نقله إلى الغير ( ، فهو يريد في هذا الجزء البرهنة على أنه حتى إذا كان هناك شيء موجود فإنه لا يمكن التفكير فيه، ذلك أولا: أنه إذا كان موضوع الفكر موجودا فلابد أن يكون كل ما تفكر فيه موجودا، ولكن ذا غير مقبول لأنه إذا تخيل المرء أن إنسانا يطير فإن ذلك لا يعني أن هذا يحدث بالفعل، إذن فموضوع الفكر غير موجود، وثانيا: حتى إذا كان موضوع الفكر موجودا فإن هذا غير مقبول لأننا نفكر في عروس البحر وفي الأفعى ذات المائة رأس وغير ذلك من الكائنات الخيالية والتي لا وجود لها على الإطلاق.[/rtl]
[rtl]وكذلك أسهم بروتاجوراس خاصة بواحديته الواضحة التي بدأت في عدم اعترافه بأي شيء ليس مصدره الحواس حينما قال:"أن الإنسان معيار الوجود" وقصد بذلك أن الإنسان بحواسه هو معيار معرفة الوجود فهو لم ير إلا الحس وسيلة للمعرفة إلا بوجود المادة.[/rtl]
[rtl]ولا شك أنه لولا هؤلاء السوفسطائيون خاصة جورجياس وبروتاجوراس لما كانت مناقشة مشكلة المعرفة قد اتسع نطاقها هذا الإتساع الذي ودناه لدى سقراط وأفلاطون ومن بعدهما آرسطو، فقد كان سقراط برده على حجج السوفسطائيين هو بحق أول من ميّز تمييزا فاصلا بين موضوع العقل وموضوع الحس بِيدَ أنَّ حَلَّ سقراط لمسألة المعرفة بقي ناقصا، وكان على أفلاطون استكماله، فقدم فكرته الأصلية البسيطة التي تمثلت في أن هناك إلى جانب كلِّ شيء متغير شيء آخر خالد لا يأتي عليه تبدل وينبغي أن تقوم عليه وحدة المعرفة والسلوك، ومن ثم فلا علم إلا بالكلي الذي يظل دائما في ذاته باقيا على ذاتيته، وبذلك ارتبطت نظرية أفلاطون في المعرفة بنظريته في الوجود وفي الأخلاق.[/rtl]
[rtl]4. آرسطو يواصل الطريق في نظرية المعرفة بصورة أفضل: إلتقط آرسطو الخيط من أستاذه لكن بدا له أن ذلك الكلي الذي بحث عنه أستاذه في عالم مفارق هو عالم المثل، لا يجب أن نستمر في البحث عنه في ذلك العالم، بل علينا أن نبحث عنه هنا في نطاق الأشياء المحسوسة ذاتها، ورأى أن الكلي هو الماهية التي يقوم عليها كل شيء محسوس عيني وبهذا تحول المثال الأفلاطوني إلى الطبيعة الحقيقية، أو الماهية القائمة في كل فرد جزئي وهذا يعني على الفور أن آرسطو لا يرى تعارضا بين الإدراكات الحسية المتغيرة والتي هي بغير قيمة وبين معرفة الوجود وذلك على الأقل من حيث الأساس، فقد كان الإدراك الحسي عند آرسطو مجرد إنفعال وهو يتحدث عنه كشيء متغير ويدعوه من جانب آخر فعالا ولكن هذا لا يعني أنه فعال في إنتاج التغير، بل فعال في إدراك الواقع الفعلي وليس مجرد قوة واستعداد محض، أما التأمل بالنسبة له فهو على الجانب الآخر قوة فعالة حقيقية.[/rtl]
[rtl]ولذلك فنحن نوافق الآن على قوله بأنه هناك اتجاها عاما نحو التجريبية يتخلل أعمال آرسطو إذ يصف مرتين النمو التدريجي للمعرفة بادئا بالإنطباعات الحسية، ومنتهي بتكوين المبادئ والقواعد العامة وعلى ذلك فهناك على حد تعبير "آلان" أوجه عديدة في فلسفة أرسطو تجعل بالإمكان دعوته بأنه فيلسوف تجريبي وتربط بينه وبين لوك ومل.[/rtl]
[rtl]والحق أن هذا الوجه الحسي من نظرية المعرفة الأرسطية يتضافر مع جانبها العقلي منذ البداية إذ يحدثنا في مؤلفاته المبكرة عن أنواع المعرفة بادئا من ذلك الوجه التجريبي الحسي فهو يقول في دعوة للفلسفة: أن المعرفة على أنواع مختلفة، فهناك المعرفة التي تنتج خبرات الحياة وهناك المعرفة التي تستخدمها، وثمة تقسيم آخر: فهناك الأنواع التي تخدم وتطيع وهناك الأنواع التي تأمر، والأنواع الأخرى الأخيرة أعلى درجة وفيها يَكمُنُ الخير بمعناه الحقيقي ولما كان هذا النوع الوحيد من المعرفة الذي يتوصل للحكم الصحيح ويستخدم العقل ويضع الخير في مجموعة نصب عينيه وتعنى به الفلسفة، هو الذي يستطيع الإنتفاع بسائر أنواع المعرفة وتوجيهها وفق قوانين الطبيعة فإن هذا دليل على ضرورة التفلسف.[/rtl]
[rtl]خاتمة :[/rtl]
لا يوجد حالياً أي تعليق